الثلاثاء، يناير ٣٠، ٢٠٠٧

..... ........

مكان اعتدت أن أرهبه و أخشاه ، حين كنا نمر بجانبه في طريقنا لبيت العائلة في قرية أمي ، وعندما كنت أذهب لوحدي كنت أمر مسرعة و كأني أحاول الهرب منه ، كنت أشعر بذلك الخوف الغير مبرر ، لم أذهب إلى ذلك المكان من قبل ، سواء في تلك القرية او في مدينتي ، بالرغم أن لي أصدقاء حياتهم أصبحت هناك إلا أني لم أقوى على الذهاب لزيارتهم ، فذلك الخوف الغير مبرر كان دائما ما يمنعني ، وددت لو ذهبت هناك و لكني لم استطع .. و كنت أحاول دائما أن اعوض عليهم بالتحدث إليهم و انا في مكاني ، و أن أكتب لهم الرسائل و اطلعهم دوما عن أخباري و دائما كنت أشعر أنهم يتفهموني جيدا
حتى عرفتك يا سيدتي .. نعم كتبت و حكيت لك مثلهم و اكثر ، و لكنك الوحيدة التي كنت أتمنى أن أزورها و أتحدث لها وجها لوجه .. و لم تشئ الظروف أن أزورك أوأقترب منك أكثر حتى الأمس .. بالأمس فقط يا سيدتي جاءت فرصتي لأكون لأول مرة بقربك و معك ... لن أكذب عليك يا سيدتي فقد تمكلني الخوف كالعادة و أنا في طريقي إليك ... و كاد أن يغلبني جبني حتى وصلت إلى هناك .. سألت نفسي كيف ستقومين بذلك و أنت لم تقدري عليه في السابق .. و بدأ القلق يزداد .. و تلك الرجفة التي كنت أشعر بها في تلك القرية الصغيرة اجتاحت تفكيري قبل جسدي .. و دخلت إلى هناك .. و ازداد القلق حين وجدت الكثيرات غيري هناك ... لونهم واحد .. حزنهم واحد .. حتى صوت نحيبهم يكاد يتشابه .. أبعدت نظري عنهم و ذهبت إليك .. و جلست عند قدميك يا سيدتي و سلمت عليك و لا زال القلق بداخلي ... و بعد أن قرأت لك الفاتحة .. أخبرتك أنها المرة الأولى في حياتي .. و تبسمت بعدها ... تبسمت لأني نسيت القلق ... كنت على وشك البكاء و لكني لم افعل ... انتابني شعور بالأمان و رغبة عارمة في أن أتحدث و أحكي كل ما كنت أن أتمنى أن أقوله من قبل و لكني لم امنح تلك الفرصة ... و أخذت أسرد لك كل ما يتعلق بي و بين اللحظة و الأخرى ترتسم تلك الابتسامة على شفتاي .. و لا أظن أن احد شعر بما شعرت به و أنا هناك و ظللت هكذا أحكي لك فتبتسمي لي تلك الابتسامة الهادئة فأردها لك .. و حين سردت لك ما أشعرك بأني حقا متعبة و الحزن قد بدأ يتغلب على نفسي .. نفس الابتسامة ترد لي ثقتي و تطمئنني أني بخير
حتى جاءت اللحظة التي شعرت فيها بغربتي عنك ... و بعض خطوات أبعدتني عنك .. عاد الخوف لي و لكن هذه المرة سيطر على افكاري .. نعم شعرت بالغربة و الوحدة و الحزن ... لحظتها فقط بكيت .. و حاولت أن أتمالك نفسي فأنا لا اريد أن يتملكني ذلك الاحساس أو يسكن روحي .. ذات الابتسامة أتخيلها أكثر انفراجا هذه المرة .. و كأنك تخبريني أني لازلت معك ... و تربتي على كتفي حتى تأكدي لي أنك لازلت أنت أيضا معي .. لم يذهب قلقي و لكن هدأت نفسي قليلا .. و قررت لحظتها أني لن أقضي ذلك الوقت سوى في الدعاء لك و سأنسى أي شيء آخر
مر الوقت .. و جاء وقت رحيلي .. و وددت لو أني أبقى معك لأكمل لك حكاياتي و أسعد بهدوءك و رفقك و ابتسامتك .. و لكن وجب الرحيل ... و رحلت و لم ألتفت لما حدث بعد ذلك ... وصلت لبيتي و في وحدتي راجعت كل ما حدث بيني و بينك فقط .. استعدت تلك اللحظات التي كانت ملكي .. تلك الدقائق التي جمعتني بك ...وفي خيالي وجدتني أغفو ...رحمك الله يا صاحبة الابتسامة الهادئة و الروح الطيبة .. رحمك الله يا من أعنتني على حزني و خوفي و رهبتي .. رحمك الله يا سيدة المكان و ليرحمني من بعدك
" يا رب .. يا سامع النداء يا مجيب الدعاء .. اللهم ارحمها و طيب ثراها .. و بارك لها و بارك لي فيما جمعنا .. و أسكنها فسيح جناتك مع محمد و آل محمد .. آمين"