الاثنين، يناير ٢٢، ٢٠٠٧

في ذكرى الحسين بن علي بن ابي طالب عليه السلام شهيدا

لن أكتب اليوم عن يوم عاشوراء و ما حدث فيه ، أولا نظرا لاختلاف الآراء التي قرأتها إلى الآن ، و ثانيا ليس هذا ما نويته منذ البداية ، و أثناء بحثي على الانترنت وجدت تعليق للأستاذ /حسين الهلالي على مأساة الحسين في المسرح العربي ... الحسين ثائرا ... الحسين شهيدا .. للشاعر/عبد الرحمن الشرقاوي ، و للأسف لم يحالفني الحظ إلى الآن أن أحصل على هاتين المسرحيتين كاملتين ، و لكني أحببت هذه المقاطع الشعرية بشدة و لذلك وددت أن أنقل تلك الكلمات المعبرة و التي تصف إلى حد بعيد ما نحيا فيه الآن إلى هنا
رحم الله سيدنا الحسين بن علي بن ابي طالب رضي الله عنهما و أدعو المولى عزوجل أن يرحمنا نحن أيضا
...................................................................................
هذا هو الموقع المنقول منه http://www.tahayati.com/Almaktaba.htm
ويستمر الكاتب عبد الرحمن الشرقاوي في نهاية الجزء الأول بحواره المتماسك وبسمو الكلمات ويعرض لنا في المشهد الأخير هذا الحوار الشعري الرائع من ( الحسين ثائرا ) :
( زينب تتأمل المسرح الخالي حزينة ) زينب : أسفاه قد ذهب الجميع ولم يعد إلا القليل الصابرون .
الحسين (ع) : ( يأتي إلى الخيمة ويتأمل المكان الذي خلا من الرجال ) أين الرجال ؟ إني سمعت لجاجهم من خلف أستار الخيام .
( سعيد الذي خرج مع آخر مجموعة من الرجال يأتي فزعا ) سعيد : يا للحسين . زينب : أسفاه هرب الرجال . سعيد : هربوا بما أخذوه من مال وأنعام وفيرة . برير : أين الرجال القائمون على العهود ؟
زينب : فسد الزمان ولم يعد إلا الرجال الخائرون ، أين الرجال الصامدون ؟ ذوو الضمائر
أهل البصائر خمص البطون من الصيام
صفر الوجوه من القيام حمر العيون من البكاء زرق الشفاه من الدعاء أسفاه قد ذهبوا جميعا
( الحسين حزينا ثم منفجرا ) : ما عاد في هذا الزمان سوى رجال كالمسوخ الشائهات يمشون في حلل النعيم وتحتها نتن القبور يتشامخون على العباد كأنهم ملكوا العباد وهم إذا لا قوا الأمير تضاءلوا مثل العبيد صاروا على أمر البلاد فأكثروا فيها الفساد أعلامهم رفعت على قمم الحياة خرق مرقعة ترفرف بالقذارة في السماء الصافية راياتهم مزق المحيض البالية يا أيها العصر الرزي لانت غاشية العصور قد آل أمر المتقين إلى سلاطين الفجور قل أي أنواع الرجال جعلتهم في الواجهات ؟ قل أي أعلام رفعت على البروج الشاهقات ؟
في هذا المشهد ألغى الكاتب الحاجز الزمني بين الماضي والمستقبل عندما جسد صوت الحسين حاضرا في مجلس المختار طالبا الثأر بدمه ونبهه إلى مصيره ومصير الأمة الإسلامية وامتد هذا النداء إلى الحاضر والمستقبل ليكون الحجة إلى يوم الدين .
لقد نبه الأمة إلى وجود الحكام المستبدين والمنحرفين فيها الذين يهدمون كيانها ليسهل ابتلاعها .
وهذا المشهد الأخير ( يبدأ بسقوط يزيد خلف إحدى الصخور بينما ترتفع نداءات من بعيد .. ويدخل رجال يملأون المكان وعلى رأسهم المختار ، والحسين عليه السلام يقف على الربوة مشرفا عليهم في جلال وسط هالة الضوء الغريب .
الرجال : يا لثارات الحسين ... يا لثارات الحسين بن علي ... المختار : قد أخذنا فيه ثار الله من كل الطغاة ، نحن لن ننسى الحسين بن علي . الرجال : يا لثارات الحسين ... يا لثأر الله ... يا لثأر الحسين ... المختار : ( للرجال ) اذكروا الله كثيرا ، واذكروا ثأر الحسين فهو ثأر الله فينا ..
الحسين ( ع ) : فلتذكروني لا بسفككم دماء الآخرين .. بل اذكروني بانتشال الحق من ظفر الضلال .. بل اذكروني بالنضال على الطريق ، لكي يسود العدل فيما بينكم .. فلتذكروني بالنضال .. فلتذكروني عندما تغدو الحقيقة وحدها حيرى حزينة فإذا بأسوار المدينة لا تصون حمى المدينة لكنها تحمي الأمير وأهله والتابعين فلتذكروني عندما تجد الفصائل نفسها أضحت غريبة وإذا الرذائل أصبحت هي وحدها الفضلى الحبيبة وإذا حكمتم من قصور الغانيات ومن مقاصير الجواري فاذكروني فلتذكروني حين تختلط الشجاعة بالحماقة وإذا المنافع والمكاسب صارت ميزان الصداقة وإذا غدا النبل الأبي هو البلاهة وبلاغة الفصحاء تقهرها الفكاهة والحق في الأسمال مشلول الخطى حذر السيوف ! فلتذكروني حين يختلط المزيف بالشريف فلتذكروني حين تشتبه الحقيقة بالخيال وإذا غدا البهتان والتزييف والكذب المجلجل هن آيات النجاح فلتذكروني في الدموع فلتذكروني حين يستقوي الوضيع فلتذكروني حين تغشى الدين صيحات البطون وإذا تحكم فاسقوكم في مصير المؤمنين وإذا اختفى صدح البلابل في حياتكم ليرتفع النباح وإذا طغى قرع الكنوس على النواح وتجلج الحق الصراح فلتذكروني وإذا النفير الرائع الضراف أطلق في في المراعي الخضر صيحات العداء وإذا اختفى نغم الإخاء وإذا شكا الفقراء واكتظت جيوب الأغنياء فلتذكروني فلتذكروني عندما يفتي الجهول وحين يستخزي العليم وعندما يستحلي الذليل وإذا تبقى فوق مائدة إمرء ما لا يريد من الطعام وإذا اللسان أذاع ما يأبى الضمير من الكلام فلتذكروني فلتذكروني إن رأيتم حاكميكم يكذبون ويغدرون ويفتكون والأقوياء ينافقون والقائمين على مصالحكم يهابون القوي ولا يراعون الضعيف والصامدين من الرجال غدوا كأشباه الرجال وإذا انحنى الرجل الأبي وإذا رأيتم فاضلا منكم يؤاخذ عند حاكمكم بقوله وإذا خشيتم أن يقول الحق منكم واحد في صحبه أو بين أهله فلتذكروني وإذا غزيتم في بلادكم وانتم تنظرون وإذا اطمأن الغاصبون بأرضكم وشبابكم يتماجنون فلتذكروني فلتذكروني عند هذا كله ولتنهضوا باسم الحياة كي ترفعوا علم الحقيقة والعدالة فلتذكروا ثأري العظيم لتأخذوه من الطغاة وبذاك تنتصر الحياة فإذا سكتم بعد ذلك على الخديعة وارتضى الإنسان ذله فانا سأذبح من جديد وأظل اقتل من جديد وأظل اقتل كل يوم ألف قتلة سأظل أقتل كلما سكت الغيور وكلما أغفا الصبور سأظل اقتل كلما رغمت أنوف في المذلة ويظل يحكمكم يزيدها ... ويفعل ما يريد وولاته يستعبدونكم وهم شر العبيد ويظل يلقنكم وإن طال المدى جرح الشهيد لأنكم لم تدركوا ثار الشهيد فاذكروا ثار الشهيد
وهكذا كانت نهاية هذا المشهد الدرامي عن لسان أبي عبد الله الحسين عليه السلام والمشحون بالعاطفة والتذكير ، وهو تصوير دقيق لنداء الحق والعدل وصيحة تبقى للأجيال القادمة .