السبت، مايو ١٩، ٢٠٠٧

طريق الإيمان

كان ياما كان .. في سابق العصر و المكان .. يحكى أنه كان هناك نسرا يعيش في أعالي الجبال .. و قد وضعت زوجته بيضها في عشهما الهادي العالي .. و قبل أن يفقس البيض عن تلك النسور الصغيرة التي قد تبدو أليفة للوهلة الأولى .. سقطت بيضة واحدة من العش العالي و الذي بسقوطها لم يعد هادئ ... و سأم الأب البحث مع الأم في كل مكان
تسقط البيضة في حقل لمزارع طيب .. و لم يتبين نوع البيضة في البداية و اعتقد أنها من نتاج الدجاج الذي يربيه .. و بذلك وضعها وسط بيض الدجاج حتى فقست .. و خرج النسر التائه وسط الأفرخة الصغيرة التي برغم استغرابها لهيئته إلا أنها أحبته و اصبح فردا من العائلة، و اعتاد عليهم و على حياتهم حتى أصبح واحدا مثلهم .. اصبح فرخا مثلهم لا يفرق بينه و بينهم سوى المظهر الخارجي .. و حين تبين صاحب المزرعة أنه نسرا .. قرر أن لا يتركه لسجن الحظيرة مرة أخرى .. و حاول معه حتى ينسيه حياة الدجاج و الحظيرة .. و لم ييأس .. بل أنه من شد إيمانه بهذا النسر لم ييأس أبدا .. و لكن هذا اليأس قد حل على النسر الذي شب فرخا .. نعم أحبط و تخبط و يأس حتى قرر أنه ما عاد يريد أن يكون نسرا .. و لكن المزارع الطيب المؤمن لم يغلبه اليأس بعد .. و كان قد أخبر النسر بذلك .. أخبره كيف أنه شديد الثقة فيه و في مقدرته .. و مدى إيمانه بقدراته و ما يستطيع أن يفعله لو أنه فقط آمن بنفسه مثلما يؤمن المزارع به .. و تستمر المحاولات حتى استطاع النسر أن يحلق عاليا ليكسب الرهان مع نفسه و مع المزارع .. و لحظتها فقط تأكد المزارع أن إيمانه و ثقته فقط هما اللذان ساعدا النسر على التحليق .. و لو أنه فقد هذا الإيمان أو ان النسر قد أخذله في إيمانه و ثقته بنفسه ما كان سيصل أبدا لما وصل له و ما استطاع أن يفعل ما فعله
حين نؤمن بأنفسنا نصل بإرادتنا لما نريد .. و حين نؤمن بالآخر .. نصل كذلك .. و لكن من المحبط أن تكفر بإيمانك هذا .. و تجد ان الآخر يفرض عليك الإلحاد فرضا .. كأنه الوحي المنزل من عند الله .. ما أقسى أن تجبر على الكفر لمجرد أن الآخر لا يرى سوى نفسه .. ما أمر طعم الحياة حين تجد نفسك مؤمن بما يكفر به الآخرين .. وبالرغم من ذلك لا تهتم سوى بإيمانك .. و لكن الأمر من ذلك أنك تجد الآخر الذي تثق به أول من كفر بنفسه دون أن يحاول .. دون أن ينصف إيمانك .. دون أن يتيقن ثقتك فيه و اعتمادك عليه .. دون أن يصدق أنك تستند عليه في هذا الدنيا ... لحظتها فقط ... يتسلل الشك إلى قلبك .. و تبدأ تتساءل لما الإيمان بما ليس له وجود .. لما ثقتك .. لما أملك .. و لما حلمك ... و تنتظر الإجابة ..لعلها تثنيك عن كفرك .. لعلها تعيد إيمانك ثانية ... و لكنك تجدها أكثر جفاء و خواء و قهرا و ظلما مما قد تتخيل .. فتدعو ربك أن يصبرك على ما كان .. و الأهم أن يصبرك على ما سيكون
فهل فكرتم ما مصير إيمانكم في الآخر